لا يزال غياب المراكز المتخصصة لاستقبال أسر وأطفال التوحد في مختلف مناطق المملكة، معاناة مستمرة لتلك الأسر السعودية، خصوصا في المدن والمراكز والقرى القابعة في أطراف البلاد، والتي تبعد كثيرا عن المدن الكبرى التي توجد بها بعض المراكز الخاصة وليست الحكومية في الغالب، هذه المعاناة حدت بالكثير من أسر وأطفال التوحد للاتجاه إلى البحث عن بدائل منطقية لإنهاء معاناتهم مع توابع المرض،
وهذا ما دعاهم إلى اللجوء إلى خيار السفر إلى بعض الدول العربية أو الأوروبية، معرضين أنفسهم وأبناءهم للمخاطر، من أجل البحث عن علاج لفلذات أكبادهم على نفقتهم الخاصة، بعد اعتذار مسبق حتما من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية بشأن علاجهم على نفقة الدولة، بذريعة أنه «لا يوجد علاج في الخارج وهناك مراكز في داخل المملكة يمكنكم مراجعتها والاستفادة منها»، بينما الواقع مخالف تماما لتلك الفرضية التي تستند إليها الوزارتان المعنيتان.
بصيص أمل
وكشفت جولة أجرتها «عكاظ» على عدد من مراكز علاج التوحد في القاهرة، عن وجود أعداد كبيرة من المواطنين السعوديين (عائلات، نساء، ورجال)، يترددون بشكل مستمر على تلك المراكز بحثا عن بصيص أمل من أجل علاج أبنائهم التوحديين، بعد ان تحسنت حالة البعض من خلال المراجعات، وكان لسان حالهم يقول «أين البديل في المملكة؟».
مخاطر السفر
من بين مجموعات السعوديين الباحثين عن علاج في العاصمة المصرية، كان يحيى علي من أبناء منطقة جازان يبحث عن علاج لابنته (6 سنوات)، التي تعاني من مرض التوحد وتتطلب جلسات بالأوكسجين والتكامل السمعي هناك.
وقال علي «من المؤكد أن منطقة جازان تعاني من غياب تلك المراكز المتخصصة، وقد يكون هناك قسم في أحد المستشفيات الحكومية بالمنطقة، لكنه لا يخدم الأعداد الكبيرة التي تعاني من هذا المرض، ما اضطرني إلى السفر إلى القاهرة قاصدا أحد المراكز من أجل العلاج، بعد أن نصحني البعض بالتوجه إليه بالاسم، حيث يقدم خدمة جيدة للمرضى».
وأضاف «انتقلت من جازان إلى القاهرة على حسابي الخاص، وقمت بالسكن وعائلتي بالقرب من المركز من أجل المراجعات، وهذا تترتب عليه مبالغ كبيرة وتنقلات ومخاطر قد تتعرض لها عائلتي وابنائي»، مستغربا عدم الاهتمام بأطفال التوحد وتوفير مراكز في كل محافظة من محافظات البلاد.
أطباؤنا لا يعرفون العلاج
وأشار خالد حسين من محافظة القنفذة، إلى أنه كان يضطر للذهاب إلى محافظة جدة لأكثر من 600 كيلومتر ذهابا وعودة، لمراجعة المراكز والمستشفيات بحثا عن علاج ابنه، لكن دون فائدة «فالكثير من الأطباء لا يعرفون العلاج»، على حد قوله. وأوضح حسين أن وضع ابنه الصحي أجبره على السفر إلى القاهرة في أحد المراكز الخاصة بعلاج التوحد عن طريق التكامل السمعي والأوكسجين المضغوط وبعض الأدوية والحقن الأخرى، التي استخدمها الكثير من الاطفال وتحسنت حالتهم الصحية بعض الشيء عن حالتهم السابقة. وذكر أن المعاناة التي يعانيها أطفال التوحد في جميع مناطق المملكة، لا تزال تواجه بالصمت في وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية؛ ما تسبب في تدهور حالة الكثير من حالات التوحديين، مشيرا إلى أن الكثير من أولياء أمورهم اضطروا للاستدانة من البنوك والشركات ومعارض السيارات من أجل علاج أبنائهم، من خلال السفر بهم إلى العديد من الدول العربية معرضين أنفسهم وأسرهم للخطر.
نداءات متكررة
من عدة دول عربية، كالإمارات ومصر والأردن، لا تزال العديد من الأسر السعودية للأطفال التوحديين تطلق نداءات متكررة خلال تواجدهم في تلك الدول من أجل علاج أبنائهم وبناتهم المرضى، من أجل إيجاد مراكز متخصصة في الداخل لعلاج التوحد. وطالب هؤلاء وزارة الصحة بالشفافية في معلوماتها بشأن المراكز التي تشير إليها دائما مواقعها، وكذلك آلية وإمكانية العلاج في تلك المراكز المشار إليها -إن وجدت-، مؤكدين أنها لا تزال تغض الطرف عن مشاركة أسر التوحديين معاناتهم في علاج أبنائهم في الداخل أو الخارج.
أم مكلومة: نحتاج أخصائيين غير جشعين
تؤكد أم أمل أن تجربة عائلتها مع التوحد كباقي الأهالي، تحضر من خلال صعوبة الوضع الراهن في المستشفيات الحكومية، مشيرة إلى أنها من أجل علاج ابنتها اضطرت إلى تغيير مسار حياتها، حيث اضطرت إلى البحث عن عمل من أجل علاجها، وأضافت «كل هذا لم يتسبب في إنهاء معاناتنا، لأن الطريق الصعب كان في التشتت بحثا عن العلاج في مستشفيات الداخل، ومن ثم اتخاذ القرار للعلاج في المراكز الخارجية التي تستغل الأسر لجهل الكثير منهم بمرض التوحد الذي بدأ في الانتشار بشكل كبير». وقالت أم أمل «غياب الوعي في مجتمعنا يمثل عائقا كبيرا، ويضاف إلى عدم الوعي مشكلة تقديم الخدمات الطبية العلاجية اللائقة للمرضى، حيث لا توجد مراكز مؤهلة محليا»، مشيرة إلى أن عائلتها دفعت لعلاج ابنتها أكثر من 70 ألف ريال خلال السنوات الثلاث الماضية، ما بين مراجعات وفحوصات وأدوية في المستشفيات والمراكز، «زرنا العديد منها في جدة والرياض دون فائدة، فنحن ما زلنا بحاجة ملحة لمدربين وأخصائيين لديهم الوعي الصحيح للتعامل مع حالات التوحديين دون جشع».
«الصحة» تعتذر بعد عام كامل من علاج خارجي
يقول أبو مقرن والد أحد اطفال التوحد من الطائف «معاناتي بدأت منذ خمس سنوات ولم تنته، ولا تزال المعاناة تتضاعف مع ازدياد عمر ابني الذي دفعت من أجل علاجه مبالغ مالية طائلة من خلال سفري ورحلاتي للعديد من المستشفيات والمراكز في المملكة وخارجها في العديد من الدول العربية والأوروبية».
مشيرا إلى أنه اضطر للسفر إلى تلك الدول من أجل بصيص الأمل، وأضاف «كنت أخشى عدم العودة إلى أسرتي من تلك المخاطر التي كانت تواجهني، ومن بينها خشيتي من اختفاء ابني أو تعرضي لمكروه في تلك الدول مما يعني ضياع الطفل البريء».
واستغرب أبو مقرن التجاهل التام من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، وقال في هذا الصدد «أتذكر أنني تقدمت بخطاب إلى وزارة الصحة والتقيت باللجنة الطبية للعلاج في الخارج، ووعدوني بعد مراجعة الحال بعلاج ابني خارج المملكة، لكن بعد عام كامل جاء الاعتذار بعدم علاجه خارج المملكة، لتوفر علاجه في المراكز في المملكة، كما يدعون». وتساءل «أين هي المراكز التي يتحدثون عنها، وهل هذه المراكز تتوفر في داخل مدن المملكة وفي محافظة الطائف مثلا، أم تريد وزارة الصحة ان ينتقل السكان من القرى والمحافظات الصغيرة إلى الرياض أو الدمام لعلاج أبنائهم في تلك المراكز التي تدعيها الوزارة».
وأضاف أبو مقرن أنه تقدم أيضا بخطاب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، من أجل إدراج حالة ابنه ضمن المراكز التي تصرف المساعدات لأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة، وأوضح قائلا «بعد علم الوزارة بأنني لست ضمن المسجلين في هذا المركز لعدم معرفتي بهذا المركز والغياب التام لخدماته، اعتذروا بصرف المبلغ الذي كنت في أمس الحاجة لصرفه على ابني».
وهذا ما دعاهم إلى اللجوء إلى خيار السفر إلى بعض الدول العربية أو الأوروبية، معرضين أنفسهم وأبناءهم للمخاطر، من أجل البحث عن علاج لفلذات أكبادهم على نفقتهم الخاصة، بعد اعتذار مسبق حتما من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية بشأن علاجهم على نفقة الدولة، بذريعة أنه «لا يوجد علاج في الخارج وهناك مراكز في داخل المملكة يمكنكم مراجعتها والاستفادة منها»، بينما الواقع مخالف تماما لتلك الفرضية التي تستند إليها الوزارتان المعنيتان.
بصيص أمل
وكشفت جولة أجرتها «عكاظ» على عدد من مراكز علاج التوحد في القاهرة، عن وجود أعداد كبيرة من المواطنين السعوديين (عائلات، نساء، ورجال)، يترددون بشكل مستمر على تلك المراكز بحثا عن بصيص أمل من أجل علاج أبنائهم التوحديين، بعد ان تحسنت حالة البعض من خلال المراجعات، وكان لسان حالهم يقول «أين البديل في المملكة؟».
مخاطر السفر
من بين مجموعات السعوديين الباحثين عن علاج في العاصمة المصرية، كان يحيى علي من أبناء منطقة جازان يبحث عن علاج لابنته (6 سنوات)، التي تعاني من مرض التوحد وتتطلب جلسات بالأوكسجين والتكامل السمعي هناك.
وقال علي «من المؤكد أن منطقة جازان تعاني من غياب تلك المراكز المتخصصة، وقد يكون هناك قسم في أحد المستشفيات الحكومية بالمنطقة، لكنه لا يخدم الأعداد الكبيرة التي تعاني من هذا المرض، ما اضطرني إلى السفر إلى القاهرة قاصدا أحد المراكز من أجل العلاج، بعد أن نصحني البعض بالتوجه إليه بالاسم، حيث يقدم خدمة جيدة للمرضى».
وأضاف «انتقلت من جازان إلى القاهرة على حسابي الخاص، وقمت بالسكن وعائلتي بالقرب من المركز من أجل المراجعات، وهذا تترتب عليه مبالغ كبيرة وتنقلات ومخاطر قد تتعرض لها عائلتي وابنائي»، مستغربا عدم الاهتمام بأطفال التوحد وتوفير مراكز في كل محافظة من محافظات البلاد.
أطباؤنا لا يعرفون العلاج
وأشار خالد حسين من محافظة القنفذة، إلى أنه كان يضطر للذهاب إلى محافظة جدة لأكثر من 600 كيلومتر ذهابا وعودة، لمراجعة المراكز والمستشفيات بحثا عن علاج ابنه، لكن دون فائدة «فالكثير من الأطباء لا يعرفون العلاج»، على حد قوله. وأوضح حسين أن وضع ابنه الصحي أجبره على السفر إلى القاهرة في أحد المراكز الخاصة بعلاج التوحد عن طريق التكامل السمعي والأوكسجين المضغوط وبعض الأدوية والحقن الأخرى، التي استخدمها الكثير من الاطفال وتحسنت حالتهم الصحية بعض الشيء عن حالتهم السابقة. وذكر أن المعاناة التي يعانيها أطفال التوحد في جميع مناطق المملكة، لا تزال تواجه بالصمت في وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية؛ ما تسبب في تدهور حالة الكثير من حالات التوحديين، مشيرا إلى أن الكثير من أولياء أمورهم اضطروا للاستدانة من البنوك والشركات ومعارض السيارات من أجل علاج أبنائهم، من خلال السفر بهم إلى العديد من الدول العربية معرضين أنفسهم وأسرهم للخطر.
نداءات متكررة
من عدة دول عربية، كالإمارات ومصر والأردن، لا تزال العديد من الأسر السعودية للأطفال التوحديين تطلق نداءات متكررة خلال تواجدهم في تلك الدول من أجل علاج أبنائهم وبناتهم المرضى، من أجل إيجاد مراكز متخصصة في الداخل لعلاج التوحد. وطالب هؤلاء وزارة الصحة بالشفافية في معلوماتها بشأن المراكز التي تشير إليها دائما مواقعها، وكذلك آلية وإمكانية العلاج في تلك المراكز المشار إليها -إن وجدت-، مؤكدين أنها لا تزال تغض الطرف عن مشاركة أسر التوحديين معاناتهم في علاج أبنائهم في الداخل أو الخارج.
أم مكلومة: نحتاج أخصائيين غير جشعين
تؤكد أم أمل أن تجربة عائلتها مع التوحد كباقي الأهالي، تحضر من خلال صعوبة الوضع الراهن في المستشفيات الحكومية، مشيرة إلى أنها من أجل علاج ابنتها اضطرت إلى تغيير مسار حياتها، حيث اضطرت إلى البحث عن عمل من أجل علاجها، وأضافت «كل هذا لم يتسبب في إنهاء معاناتنا، لأن الطريق الصعب كان في التشتت بحثا عن العلاج في مستشفيات الداخل، ومن ثم اتخاذ القرار للعلاج في المراكز الخارجية التي تستغل الأسر لجهل الكثير منهم بمرض التوحد الذي بدأ في الانتشار بشكل كبير». وقالت أم أمل «غياب الوعي في مجتمعنا يمثل عائقا كبيرا، ويضاف إلى عدم الوعي مشكلة تقديم الخدمات الطبية العلاجية اللائقة للمرضى، حيث لا توجد مراكز مؤهلة محليا»، مشيرة إلى أن عائلتها دفعت لعلاج ابنتها أكثر من 70 ألف ريال خلال السنوات الثلاث الماضية، ما بين مراجعات وفحوصات وأدوية في المستشفيات والمراكز، «زرنا العديد منها في جدة والرياض دون فائدة، فنحن ما زلنا بحاجة ملحة لمدربين وأخصائيين لديهم الوعي الصحيح للتعامل مع حالات التوحديين دون جشع».
«الصحة» تعتذر بعد عام كامل من علاج خارجي
يقول أبو مقرن والد أحد اطفال التوحد من الطائف «معاناتي بدأت منذ خمس سنوات ولم تنته، ولا تزال المعاناة تتضاعف مع ازدياد عمر ابني الذي دفعت من أجل علاجه مبالغ مالية طائلة من خلال سفري ورحلاتي للعديد من المستشفيات والمراكز في المملكة وخارجها في العديد من الدول العربية والأوروبية».
مشيرا إلى أنه اضطر للسفر إلى تلك الدول من أجل بصيص الأمل، وأضاف «كنت أخشى عدم العودة إلى أسرتي من تلك المخاطر التي كانت تواجهني، ومن بينها خشيتي من اختفاء ابني أو تعرضي لمكروه في تلك الدول مما يعني ضياع الطفل البريء».
واستغرب أبو مقرن التجاهل التام من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، وقال في هذا الصدد «أتذكر أنني تقدمت بخطاب إلى وزارة الصحة والتقيت باللجنة الطبية للعلاج في الخارج، ووعدوني بعد مراجعة الحال بعلاج ابني خارج المملكة، لكن بعد عام كامل جاء الاعتذار بعدم علاجه خارج المملكة، لتوفر علاجه في المراكز في المملكة، كما يدعون». وتساءل «أين هي المراكز التي يتحدثون عنها، وهل هذه المراكز تتوفر في داخل مدن المملكة وفي محافظة الطائف مثلا، أم تريد وزارة الصحة ان ينتقل السكان من القرى والمحافظات الصغيرة إلى الرياض أو الدمام لعلاج أبنائهم في تلك المراكز التي تدعيها الوزارة».
وأضاف أبو مقرن أنه تقدم أيضا بخطاب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، من أجل إدراج حالة ابنه ضمن المراكز التي تصرف المساعدات لأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة، وأوضح قائلا «بعد علم الوزارة بأنني لست ضمن المسجلين في هذا المركز لعدم معرفتي بهذا المركز والغياب التام لخدماته، اعتذروا بصرف المبلغ الذي كنت في أمس الحاجة لصرفه على ابني».